ان الهدف من المال اقامة النظام الاجتماعي ، وتنشيط اجهزة المجتمع والإنفاق يقوم بهذا الهدف بأفضل وجه ، بينما الربا يعوّق ذلك ، إذ انه يقيد المال في حدود فوائد الدائن ، ويجعله شريكا ثقيل الظل لا تعاب الناس وجهودهم ، دون ان يتحمل خسارة أو يبذل جهدا.
والربا ينمي طبقة مستكبرة متعالية وطفيلية في المجتمع ، مما تتجاوز أضراره الجوانب الاقتصادية الى الحياة السياسية فالثقافية والاجتماعية.
ولعلنا اليوم نعي معاني هذه الآية أكثر من آبائنا ، لان الربا انتشر ليس في حدود أبناء المجتمع الواحد ، بل في مجال العلاقات الاقتصادية بين الأمم المختلفة ، وافرز الواقع المقيت الّذي تعاني منه البشرية المتمثل في التمايز بين الدول المستكبرة التي تتأثر بكل خيرات الأرض والدول المحرومة التي تحتاج الى أبسط مقومات الحياة ، فبينما تختزن الدول المستكبرة مثلا حوالي (٣٥٠) مليون طن من الغلال لعام (١٤٠٧ ه) (١٩٨٧ م) وتحتار كيف تختزنها ، بل كيف تتخلص منها نرى الدول المستضعفة محتاجة الى كل كيلو منها ، ويتضور أطفالها جوعا ، ويتساقط الملايين منهم كل عام لسوء التغذية.
ولعل أعظم أسباب هذا التمايز النظام الربوي السائد في العالم ، حيث بلغت ديون البلاد المحرومة أكثر من كاترليون (الف مليار) دولار و (٣٥) مليار دولار أخذت الفوائد المتضاعفة تبتلع كل جهود الشعوب المحرومة ، وتجعل الأمل في تقدمها واستقلالها يتلاشى في طوفان الديون.
ولو دفعت البلاد المتقدمة زكاة أموالها للشعوب المحرومة لنشطت من عقال التخلف ، وللحقت بركب الحضارة ولأفادت حتى الدول الصناعية بتبادل التجارة معها.