أكبر من الحق ، أو أنّ ذاته هي المحور وليس الحق ، فإنّه لن يتقبّلها ، ومتى ما جعل الإنسان نفسه فوق الحق أو اعتبرها هي الحق ، فإنّه سوف يتجاوز الآخرين ويظلمهم ويجرم بحقّهم ، ونقرأ في الروايات ما يهدينا إلى ذلك :
١ ـ عن أبي عبدالله (ص) قال : «الكبر أن تغمص الناس ، وتسفّه الحق» (١).
٢ – وعنه (ع) : «قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّ أعظم الكبر غمص الخلق ، وسفّه الحق» ، قال (الراوي) : قلت : وما غمص الخلق ، وسفه الحق؟ قال : «يجهل الحق ، ويطعن على أهله ، فمن فعل ذلك فقد نازع الله رداءه» (٢)
[٣٢] ولكي نتخلّص من الكفر والاستكبار والاجرام يجب أن نجعل الحقّ هو المحور ، وأن نتذكّر بالآخرة ، ونخشى الجزاء فيها.
(وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها)
لم ينكرون الآخرة على شدّة وضوحها ، فالإنسان يرى بفطرته أنّ الجزاء واقع ، كما يرى تحقيق ذلك في الدنيا ، فمن يظلم يبتليه الله ، بينما يحصل المحسن على جزاء حسن ، ولكنّه يرى أنّ سنّة الجزاء ليست دائمة في الدنيا ولا وافية ممّا يهديه إلى يوم الجزاء الأوفى.
وحين يراجع قلبه يراه مقتنعا به ، إلّا أنّه يجحد به لاستكباره عنادا وعتوّا ، ويتساءل : ما الساعة؟ أيّان مرساها ، وما أشراطها ، وكيف يبعث الله الرميم ، وكيف تتمثّل الأعمال فيها تمثّلا؟
__________________
(١) بحار الأنوار / ج (٧٣) / ص (٢١٧).
(٢) المصدر / ص (٢١٨).