(قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ)
كذلك يجعلون جهلهم بالساعة (كيف ومتى ...) عذرا لانكارها ، بينما العقل يدعوهم إلى الإيمان بالحقيقة إذا توافرت لديهم الشواهد ، ثم السعي لمعرفة المزيد من تفاصيلها. أرأيت لو تكاملت الحجة على وجود مدينة في أقصى الشرق ، ولكن لا تعرف عنها شيئا كثيرا ، فهل تنكر وجودها رأسا أم تعترف بها ثم تبحث عن التفاصيل؟
والواقع : إنّ كثيرا من الناس ينكرون حقائق الرسالة لأنّهم لا يعرفون التفاصيل عنها ، بل تراهم يعادونها بمجرّد جهلهم بأبعادها ، وقد قال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : «الناس أعداء ما جهلوا»
(إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)
هكذا شكّكوا أنفسهم حتى زعموا أنّهم لا يملكون إلّا الظنّ دون اليقين ، ولكن هب أنّهم يظنّون أفلا تدعوهم عقولهم إلى أخذ الحيطة والحذر؟! فالظن ليس مبرّرا للجحود بالساعة. أو ليس مجرّد الظن بوجود أسد في الغابة كاف لأخذ الحيطة؟ وكذا الظن بالساعة يجب أن يدفعنا إلى تجنّب خطرها.
[٣٣] (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا)
ونتساءل : لماذا قال ربّنا : «وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا» ، ولم يقل : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا)؟
ربما لأنّهم في الآخرة لا تبدو لهم الأعمال السيئة ، ولكن نتيجة عمل السيئات ، كالحيّات والعقارب والحميم والعذاب.