وأمّا قوله : «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا» فإنّ ربّنا تبارك وتعالى علوّا كبيرا ليس بالذي ينسى ولا يغفل ، بل هو الحفيظ العليم ، وقد يقول العرب : قد نسينا فلان فلا يذكرنا ، أي أنّه لا يأمر لهم بخير ولا يذكرهم به (١).
(وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ)
وكثيرا ما يؤكّد الله عدم النصرة في الآخرة ، لأنّه لا ينجي من عذاب الله ناصر ـ إن وجد فعلا ـ فلا الطواغيت والأخلّاء ولا الثقافة الفاسدة والأهواء تنصرنا من الله ، وتنجينا من عذابه ، وهذا غاية الضعف والمسكنة في الآخرة ، فالإنسان يقف فريدا ، وأمامه النار ، ولا يجد من يذبّ عنه ، فتراه مستسلما.
[٣٥] لماذا يحيق بهم العذاب ، وينساهم الله ، ولا يجدون لهم نصيرا؟
أوّلا :
(ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً)
ثانيا :
(وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا)
وتصوّرتم أنّكم فيها ماكثون ، وكفرتم بآخرتكم.
(فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ)
إنّهم لا يخرجون من النار لأنّها حاقت بهم ، وصارت مأواهم ، ولا يعاتبهم الله لأنّه لا داعي للعتاب ، ما دام قد أدخلهم النار ، والعتاب نوع من الإكرام وهم
__________________
(١) بحار الأنوار / ج (٩٣) / ص (٩٨ ـ ٩٩).