الناس لا يعقلون هذه الحقيقة ، سادرين في الغفلة حتى ينتهي أجلهم ، ويفاجئهم الموت.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ)
والعلاقة متينة بين خاتمة الآية وفاتحتها ، حيث أنّ الذين كفروا يعلمون أنّ الله لم يخلق السماوات والأرض وما بينهما إلّا بالحق وأجل مسمّى ، ثم تترى عليهم نذر ربّهم فيعرضون عنها.
[٤] وقد يتهرّب الإنسان من هذه الحقيقة بالشرك الذي هو حجاب بين الإنسان وبين فهم الحقائق ، فيزعم بأنّ شيئا ما يستطيع إنقاذه من قبضة الموت أو الحساب من بعده.
قال الامام علي (ع): «ما رأيت إيمانا مع يقين أشبه منه بشك على هذا الإنسان ، إنّه كلّ يوم يودّع إلى القبور ويشيّع ، وإلى غرور الدنيا يرجع ، وعن الشهوة والذنوب لا يقلع» (١).
وقال الامام الصادق (ع): «لم يخلق الله عزّ وجلّ يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت» (٢).
إنّ الناس كلّهم يموتون ، وهذه حقيقة لا شك فيها ، ولكنّ أغلبهم يتصوّرون في خبيئة أنفسهم أنّهم يبقون ويخلدون في الدنيا ، ولعلّ سبب ذلك هو فظاعة تصوّر الموت وما وراءه من حساب دقيق وجزاء أوفى ، ولذلك تراهم يتشبّثون بأيّ تبرير ليقنعوا أنفسهم بأنّهم لا يموتون أو لا يحاسبون ، وهنا تنعقد نطفة الشرك والتوسّل بغير
__________________
(١) بحار الأنوار / ج ٦ / ص ١٣٧
(٢) المصدر / ص ١٢٧