وتعتبر العلاقة السليمة مع الآباء سمة إيمانية ، كما أنّ العلاقة الشاذّة عقبة كأداء في طريق الايمان.
بينات من الآيات :
[١٥] بما تتميّز الوصيّة عن الحكم؟ ولماذا نجد في القرآن التعبير بالوصيّة حينا وبالحكم حينا؟ لعلّ الوصية تتصل بالقيم التي هي محتوى الأحكام ، بينما يعبّر عن النظام ، والذي هو منهج تطبيق القيم ، فاذا كان التعبير بالحكم فلا بد من الالتزام بحدوده وحروفه وتفاصيله بدقّة وصرامة ، بينما إذا جاء التعبير بالوصية فلا بد من الالتزام بالقيم بأيّة طريقة ممكنة ، وبالمنهج الذي يراه العرف مناسبا.
وحين يأمر ربّنا بالعدل فانّ التعبير يأتي بصيغة الأمر : «اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى» ، ذلك لأنّ العدالة قيمة تتحقق بالأحكام المفصّلة ، والنظام الشامل ، أمّا إذا كان الحديث عن الإحسان فانّه يأتي بصيغة الوصية ، لأنّ الإحسان يتحدّد بالعرف وحسب ظروف كلّ شخص ومنهجه.
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً)
لا بدّ أن يهتم الإنسان ـ أيّ إنسان ـ بوالديه أنّى كانا اهتماما يبلغ درجة الإحسان ، وهي فوق أداء حقوقهم القانونية.
ويختلف الأمر بالإحسان عن الأمر بالطاعة اختلافا كبيرا ، ذلك أنّ الإحسان ينبعث من اليد العليا ، بدافع الاحساس بالاستقلال والقدرة ، وصاحبه يقدّر متى وكيف وبأيّ قدر يمارسه ، بينما الطاعة حالة التسليم والخضوع وفقدان الاستقلال وحسب الأمر الموجّه إليه دون أن يكون لصاحبه الحق في تقدير أيّ أمر منه.
ولم يأمر الإسلام بطاعة الوالدين بل بالإحسان إليهما ، لأنّ الطاعة لله وللرسول