ولأولي الأمر ، ولا يستطيع الوالدان أن يحرّما حلالا أو يحلّلا حراما ، بل أمر بالإحسان إليهما ، وقد يتجلّى الإحسان في قبول أمر هما فيما لا يخالف الشرع والعقل ، ويكون فيه فائدة عائدة إليهما.
والدليل الذي يبيّنه السياق للوصية بالإحسان إلى الوالدين يعمّ المؤمنين والكافرين ، البرّين والفاجرين ، حيث يعزي السياق ذلك إلى الجهود الكبيرة التي بذلاها في سبيل تنشئة الولد.
(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً)
فمنذ الساعات الاولى من الحمل يمتص الجنين طاقات الأم ممّا يعرّضها للارهاق والأخطار ، وكلّما تقدّم بها الحمل كلّما زادت الصعوبات الجسدية ، كما تزيد عندها المخاوف والهموم.
(وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً)
وقد تكون الولادة عسرة ممّا تجعل الأم تقول : يا ليتني متّ قبل هذا اليوم وكنت نسيا منسيّا.
ثم أنّ ذلك لا يتمّ عبر فترة بسيطة ، بل يمتدّ أشهرا عديدة ، ممّا يجعل دين الأم عظيما في ذمّة الولد.
(وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)
فخلال تسعمائة يوم تقريبا تنشغل الأمّ بوليدها. أفلا ينبغي للولد بعد أن يشتد عوده وتخور طاقات أمّه أن يحسن إليها؟
بلى. وهذا من ديدن الرجل الصالح الذي قد تستمرّ رعاية الوالدين إليه حتى