(وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ)
ونستوحي من الآية مقياسين لصلاح العمل : المقياس الذاتي الذي يتمثّل في فائدة العمل وصحته بحكم العقل والعرف ، والمقياس الشرعي الذي يتمثّل في مرضاة الله التي نعرفها بالقيم الدينية .. والمؤمن يتطّلع لتحقيق العمل الصالح في ذاته الذي يقرّ به شرعا إلى الله ، وهو بالطبع ليس كلّ عمل صالح ، بل الذي يقع ضمن استراتيجية الرسالة ، فمثلا : تعبيد الطرق عمل صالح ، إلّا أنّه قد لا يكون مرضيّا عند الله ، كما لو ابتغى الفرد منه علوّا في الأرض أو فسادا ، كذلك حين يكون هذا الفعل الصالح معارضا لعمل أوّلي كالدفاع عن الوطن أو مقاومة الطاغية.
وهكذا يدعو الإنسان السويّ ربّه التوفيق للقيام بعمل صالح مرضي عنده وليس كلّ عمل صالح ، كما يدعو إلى أن يكون امتداده في الحياة وذريّته من الصالحين. لقد سهر الآباء لتربية هذا الجيل على الفضيلة والتقوى ، وأنفقوا في سبيل إنشاء المدارس والمعاهد ، وتوفير الثقافة الحكمية ، وبناء الجوامع ومراكز التوعية والتوجيه ، وقد أثمرت جهودهم في بناء هذا الجيل الصالح. أفلا نسعى نحن في سبيل بناء الجيل الصاعد على ذات الأسس الصالحة؟ بلى. إنّ ذلك هو الشكر العملي على نعمة الصلاح التي أسبغها علينا الرب.
وأصلح لي في ذرّيّتي
إنّ صلاح الذريّة يكرّس مكاسب هذا الجيل الحضارية ، ويبقى لهم الذكر الحسن ، ويكون بمثابة صدقة جارية تغدق عليهم الثواب وهم مستريحون في أجداثهم ، ولعلّه لهذه الأسباب جاء التعبير القرآني «لي» ، بلى. إنّ فائدة صلاح الذريّة لي قبل غيري.
إنّي تبت إليك