الآخر قديم! وهذه الأفكار التي يروّجها الجاهليّون باسم التقدّمية موغلة في الرجعية ، إذ أنّها تدعو إلى حالة البدائية حيث لم يكن لدى أهلها التزام بالقيم والعادات الصالحة ، وهذا الذي يكفر بالبعث ويدّعي أنّه من أساطير الأوّلين سوف يحشر مع أولئك الكفّار من الأوّلين ، حتى يتبيّن له أنّ الكفر ـ وليس الدّين ـ هو من أساطير الأولين.
(أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ)
وكيف حقّ القول عليهم؟
لقد كفروا فطبع الله على قلوبهم ، وسلبهم توفيق الايمان ، فظلّوا كافرين حتى أدخلهم الله النار في الأمم الغابرة.
(إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ)
وعلينا أن نعتبر بمصيرهم فلا نبادر إلى الكفر فيغلق الله علينا باب التوبة إلى الأبد ، ولا يقولنّ الواحد : أكفر الآن فاذا أردت الايمان فالطريق مفتوح أمامي. كلّا .. إنّ فرصة الايمان محدودة ، وقد تسلب منك حتى الأبد.
وفي هذا درس للداعية ألّا يهلك نفسه أسفا على بعض الناس إن لم يؤمنوا ، فلعلّهم ممّن طبع الله على قلبه فلا يستطيع الايمان أبدا.
[١٩] ولكي لا يزعم الإنسان أنّ تقسيم الناس على الجنّة والنار اعتباطي ، يزيدنا السياق هدى بأنّ أعمال الناس هي التي تسوق أصحابها إلى المصير النهائي إمّا الجنة أو النار ، وتأكيدا على ذلك أنّ للجنّة درجات كما للنار دركات ، ومنازل أهل الجنة أو أهل النار تحدّد بأعمالهم أيضا ، حتى لا يدع للشك مجالا في أنّهم لا