فيقسّم طاقاته بعدالة بين حياته هنا وحياته الأبديّة هناك. أمّا إذا استكبر فانّه يشتري هوان العذاب في الآخرة ، ويقال لمثله :
(فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ)
والفسق هو الخروج عن الحدود ، ممّا يدلّ على أنّ المستكبر بغير حق يتجاوز حدود الشرع ممّا يوجب له أليم العذاب.
الحياة بين الحكمة والمتعة :
إنّ حياتنا في هذه الدنيا ذات حكمة تنبسط على كلّ ممارستنا فيها ، ممّا يجعل لكلّ بعد منها هدفا محدّدا لو سعينا نحوه كانت الحياة شريفة. أمّا إذا فرّغنا أعمالنا من أهدافها ، ومارسناها لذاتها ، فإنّها تصبح متعة زائلة ، فمثلا : الطعام سبيلنا إلى القوّة فمن طعمه لشهوة الأكل (لا لبلوغ سلامة البدن وقوّته) كان ممّن أذهب طيباته ، والثياب وسيلة للستر والزينة فمن استهدف المفاخرة بها أذهب طيباته ، وهدف التعلّم العمل فمن تعلّم العلم للعلم دون أيّ هدف آخر ضلّ سبيله وأضلّ عمله ، وليس صحيحا أن نجعل الفنّ للفنّ ، إنّما لتوعية الناس ، وتحسيسهم بالحقائق ، وإثارة حوافز الخير فيهم ، ومن دون ذلك يصبح الفنّ هراء ، ويذهب بطيباتنا.
وحين يفقه الإنسان حكمة الحياة ومفرداتها يعتدل سلوكه فيها. يبصر الهدف من طعامه فيزهد فيما لا ينفع جسده ، ويعرف الهدف من ثيابه فلا يفاخر ولا يبذّر ، ويضع علمه في خدمة قيمة ، وإذا مارس الفنّ حقّق أهداف أمّته من ورائه.
ألا ترى كيف كان يعيش رسول الله والأئمة الصالحون من خلفائه عليهم جميعا