فالأمر إذن يرسل من عند الله كما القرآن ، أي أنّ القرآن منهاج عملنا في عالم التشريع ، بينما قدر الله وقضاؤه يرسمان خريطة حياتنا في عالم التكوين ، فكما يقدّر الله في ليلة القدر ما يتصل بحياتنا جزء جزء كذلك يرسل الأنبياء ليفصّلوا منهاج حياتنا كلمة كلمة.
[٦] وهذا التدبير الإلهي رحمة بالغة.
(رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)
إنّ اليد الإلهية التي تسيّر شؤون الكون يد رحيمة وكريمة ، ومن هنا كانت البصيرة القرآنية إلى الحياة توحي بالاطمئنان والثقة ، فالمسلم الصادق يسلم لله ، وتطمئن نفسه لقدره وقضائه «أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» فهو لا يخشى من الطبيعة والناس من حوله ولا من المشاكل ، لذلك فهو ينفق في سبيل الله ما استطاع دون الخوف من الفقر ، ويرجو من الإنفاق زيادة الرزق ، ويقدم على الأمور ، ولا يخشى العقبات والمشاكل ، بل ويرجو من ذلك تسخير الطبيعة في صالحه ، ولذلك فهو قليل الفشل ، لأنّ الفشل أكثر ما يأتي من خشيته.
ثم إنّ رحمة الله لا تنتهي عند حدّ معيّن ، إنّما تتسع أيضا لحاجات الإنسان المتجدّدة التي تعكسها دعواته.
(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ)
الذي يسمع دعاء عباده.
(الْعَلِيمُ)
بنو إياهم ، ثم يستجيب لهم ، أو لا يستجيب لحكمة يعلمها.