اعتقادهم ، وهذا يقودهم إلى الشك في المستقبل حيث الدار الآخرة ، ومن فرّغ حياته من الآخرة فقد أفقدها ، هدفها ، وجعلها مجرّد لعب.
(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ)
إنّ المؤمن لا يتخذ الدنيا دار لعب ولهو ، لأنّه يعتقد بالمسؤولية والحساب عن كل قول وفعل يصدر منه ، بل عن كل حديث له مع نفسه ، بينما الذين يشكّون في الآخرة يقودهم شكّهم إلى النظرة الساذجة والهازلة إلى الحياة الدنيا.
[١٠] والقرآن يحذّر هؤلاء من العاقبة التي سوف يلاقونها نتيجة هذه النظرة للحياة ، فالشك في الآخرة لن يلغي المسؤولية فيها.
(فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ)
فكأنّها تشتعل نارا ولكن من دون ضياء ، وذلك أنّ النار في يوم القيامة لا نور فيها وبالذات في جهنم ، إنّما هي ظلمات فوق ظلمات ، وفي المجمع : إنّ رسول الله (ص) دعا على قومه لمّا كذّبوه فقال : اللهم سنينا كسني يوسف ، فأجذبت الأرض ، فأصابت قريشا المجاعة ، وكأنّ الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان ، وأكلوا الميتة والعظام (١). وقد وعد الله رسوله بانزال العذاب على المرتابين والمشكّكين في الجزاء.
[١١] وحين ينزل هذا العذاب فإنّه يغمر الناس من كلّ ناحية.
(يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ)
جزاء لما قدّمتموه في الدنيا من الأعمال والإعتقادات المنحرفة ، فإذا بهم
__________________
(١) مجمع البيان / ج (٩) ص (٦٢).