رفضهم لسورة القتال يستحقونها لما كان في قلوبهم من مرض ، ذلك لأن النفاق والخوف الذي يحول الإنسان عن قتال الأعداء ، جرم كبير وضلالة بعيدة ، لأنه يجر صاحبه الى الاستسلام للطاغوت وفقدان استقلاله أمام الغزاة ، والتنازل عن قيمه وشخصيته خشية بطش الجبارين. وكل من ارتد عن الدين أو اتبع الظالمين انساق الى مصيره الأسود بسبب تلك الأمراض الخطيرة التي تمكنت من قلبه.
[٢١] بينما لو أطاعوا أوامر الرسالة ، واستقبلوها برضى ، وطهروا قلوبهم من الأمراض الفتاكة ، وصدقوا في الظروف الصعبة ، لكانوا يعيشون العزّة والكرامة والاستقلال.
(طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ)
عزم الأمر ، يعني بلغ الموقف حدا يستدعي الهزيمة والارادة النافذة ، وقال البعض معناه : جد القتال.
ونستوحي من هذه الآية بصيرتين :
ـ الأولى : إن قول المعروف عند صدور أوامر الرسالة وبرامجها بعد التسليم والطاعة مؤشر واضح على تفاعل الإنسان مع الرسالة ، وصدق انتمائه لها ، وخلوّ قلبه من حسكة النفاق وأي مرض آخر ، كالجهل والجبن والتكبر ، لأن هذه الأمراض تجعل الإنسان يعيش حالة التقزز والاشمئزاز والضجر مما يظهر على فلتات لسانه ، فلا يقول قولا معروفا عند المواقف الصعبة.
وبالرغم من انّ المنافقين قد يعيشون هذه الحالة ، ولكن الظرف قد يستدعي منهم أن يكتموها ، بيد انه عند ما يعزم الأمر لا يمكنهم كتمام واقعهم.
إن مرضى القلوب هم الذين يؤدون الطاعات ويعملون الصالحات على كره ،