من المواقف الانهزامية أمام ضغوط الدنيا وإغراءاتها كوّنت أرضية هزيمته المصيرية باختيار الدنيا على الدّين.
ومن هنا نعي أهمية المواقف اليومية ومدى تأثيرها على مستقبل الإنسان ، فلا ريب أنّ الاختيارات اليومية للأصعب في الله ، هي التي صنعت إرادة عمّار حيث التزم بالخيار الصعب في نهاية الخط ، بينما صنعت الإختيارات البسيطة للخطأ الهزيمة الحاسمة أمام الفتنة الكبرى في حياة الآخر.
وفرعون مع ملئه وجنده ـ الذين تحدّثت عنهم آيات هذا الدرس ـ إنّما فشلوا في الفتنة الكبرى لأنّهم كانوا ينهزمون أمام الفتن الصغيرة ، وهذه من أهمّ العبر التي نستفيدها من سورة الدخان.
بينات من الآيات :
[١٣ ـ ١٤] اختتم الدرس السابق بتصوير الكافرين يدعون ربّهم لكشف العذاب عنهم زاعمين أنّهم مؤمنون ، وهنا يؤكد ربّنا انهم كاذبون ، أولم يكفروا بالنذير؟ بلى. إنّهم يعيشون اللحظة ، فاذا رأوا العذاب جأروا إلى ربّهم ، وإذا استجاب لهم تراهم ينكثون. إنّهم أبناء الظرف الحاضر ، وليسوا ممّن يملك بصيرة المستقبل أو تجربة الماضي.
(أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى)
أي بعدت واستحالت بالنسبة لهم ، لأنّهم حين رفضوا الايمان قبل العذاب لم يكن رفضهم منطقيّا إذ لم يقصّر الرسول في بيان الحق والدعوة إلى الله ، حتى عذرهم بأنّ الأمر كان غامضا.
(وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ)