ثالثا : الصلح أو الحرب رهين أوامر القيادة ، والامة المتمسكة بحبل قيادتها الالهية لن تهزم لا في الحرب ولا في الصلح.
ولعل هذه الزوايا هي مجمل محاور هذه السورة الكريمة التي وصفت الصلح بأنه فتح مبين ، وأن الله قد غفر لنبيه ما تقدم وما تأخر مما اعتبرها الأعداء ذنوبا ، وأنه هداه الى الصراط المستقيم الذي يؤدي إلى أهدافه السامية والتي منها النصر العزيز.
وبعد هذه البراعة في افتتاح السورة (١) نجد القرآن يمدح المؤمنين ، الذين أطاعوا الرسول في الصلح بمثل طاعتهم له في الحرب ، ويجعل ذلك وسيلة للنصر ، حيث أنه سبحانه أنزل سكينته في قلوب المؤمنين .. وعلموا أنهم لمنصورون ما داموا قد انتظموا في سلك جند الله ، الذي له جنود السماوات والأرض ، وأنهم ينتظرون جنات تجري من تحتها الأنهار.
أمّا المنافقون الذين خالفوا الرسول في السلم بمثل مخالفتهم له في الحرب فان الله يعذبهم ، لأنهم ظنوا بالله ظن السوء ـ وأنه لا ينصرهم ـ فدارت عليهم دائرة السوء أنى اتجهوا وجدوا سوءا ، وغضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم جهنم.
إذا محور المجتمع الاسلامي هو الرسول الذي لو نصحوا له أطاعوه مخلصين سعدوا به ، لأن الله قد أرسله شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وجعله محورا لحياتهم ، ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزروه ويوقروه .. ويعظموا الله بتعظيم رسوله. ذلك ان يد الرسول هي يد الله ، ويد الله فوق أيديهم.
وينعطف السياق على المنافقين الذين أرادوا انتهاز فرصة الصلح ليطعنوا في مصداقية الرسالة ويقول : سيقول الاعراب الذين تخلفوا عن الرسول في خروجه إلى مكة شغلتنا أموالنا وأهلونا ، ويريدون العودة إلى صفوف الرسالة بعد أن أبعدوا