فهذه سيرة رسول الله (ص) تلهم المسلمين جيلا بعد جيل العزم والاستقامة ، لأنّه لم يكن شاهدا بكلامه وحسب ، وإنّما بعمله وسلوكه لقد كان شاهدا في كلّ حقل ، مبادرا في كلّ مكرمة ، صانعا للأحداث ، مقتحما غمار الصعاب ، وحتى في الحروب كان القائد الشاهد ، والى الحدّ الذي قال عنه بطل الإسلام عليّ ابن أبي طالب عليه السّلام : «وكنّا إذا احمرّ البأس اتقينا برسول الله (ص) ، فلم يكن أحد منّا أقرب من العدوّ منه» (١)
والرسالي الصادق هو الذي يشهد على عصره ، وتفسّر مواقفه العملية كلماته المضيئة.
[٩ ـ ١٠] ويجري السياق في بيان أهداف البعثة.
(لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ)
الذي طاعته والايمان به امتداد للايمان بالله.
(وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)
وهنا اختلف المفسرون في تحديد الذي تعود عليه ضمائر هذه الكلمات ، فقال جماعة بأنّها تعود الى الله سبحانه وتعالى ، ولا يمكن أن تعود على الرسول ، وقد عطف عليهما التسبيح الذي هو مختص به عزّ وجلّ ، وقال آخرون بأنّ الضميرين في (تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) يعودان على الرسول ، والمعنى تنصرونه وتعظّمونه.
وما يبدو لي هو أنّ نصر الله وتعظيمه يتحققان بنصر رسوله ورفع شأنه لأنّهما جهة واحدة ، وليس الرسول سوى وسيلة الى الله ، كما أنّ القبلة بذاتها ليست هدفا ،
__________________
(١) نهج / حكمة ٩