آنذاك.
فمن كان يتخلّى عن عشيرته عند الشدة كانوا ينبذونه نبذا تامّا ، ويحرّمون عليه حتى الزواج منهم! إذن فمن السذاجة القول بأنّ (الصلاة خلف عليّ أتم ، والأكل مع معاوية أدسم ، والوقوف على التلّ أسلم) ، ولا يمكن أن يسمّى من هذا شعاره موحّدا أو منتميا الى الإسلام انتماء صحيحا ، إنّما هو لقيط ، وينبغي للمؤمنين رفض انتمائه إليهم.
وقد يشير الى هذا الأمر خاتمة الآية التي نحن بصدد تفسيرها ، حيث تؤكّد بأنّ المخلّفين ساذجون لا يستطيعون سبيلا الى فهم الحقائق.
الأمر الثاني : الذي يدلّ على جهلهم أنّهم ينسبون الحسد الى شخص الرسول (ص) مع اعتقادهم بأنّه مرسل من الله عزّ وجل ، وهل الرسول يذنب أو يتمحور حول نفسه حتى يسعى وراء المغانم؟!
وإذا افترضنا أنّهم لا يؤمنون به رسولا من الله ، ولا قائدا حقيقيّا ، فلما ذا يتبعونه ، ويريدون القتال تحت لوائه؟!
ولعلّ تفسير خاتمة الآية أنّ هؤلاء لا حظّ لهم من الوعي إلّا القليل ، لأنّهم أضلّوا الطريق العام فلا تنفعهم معرفتهم ببعض الطرق الفرعية ، ذلك لأنّ محور حقائق العلم هو معرفة الله ، وسننه الحق ، وبصائر رسالاته ، فإذا أخطئوا المحور فلا جرم أنّهم يتيهون في الضلالات.
وماذا ينفع العلم بكافة الحقول العلمية إذا كان الخط العام لحياة الإنسان خاطئا؟ أرأيت كيف يوجّه المستكبرون كلّ علمائهم فيما يبعدهم عن الله ، ويسبّب هلاكهم وهلاك العالم؟