وبالرغم من أنّ القرآن يشجّع المؤمنين في الأغلب على الحرب يبعث الأمل بالنصر في أنفسهم ، إلّا أنّه هذه المرة يصف العدو بالشدة لأنّه يتناسب مع هدف هذه الآية والقضية التي جاءت بصددها وهو امتحان المخلّفين ليثبتوا جدارتهم للانتماء الى صفّ المؤمنين ، بعد أن فقدوها بالانهزام السابق.
وقد اختلف المفسرون في تحديد المعركة التي تشير إليها هذه الآية الكريمة ، فقال بعضهم : إنّها حرب المسلمين مع الروم ، وقال جماعة : إنّها حرب المسلمين مع المرتدين بعد الرسول (ص) ، وقال آخرون : إنّها الحرب التي دارت رحاها على الفرس ، وقيل أنّها الحرب مع هوازن وثقيف بعد فتح مكة ، ولعلّ هذا المحمل هو الأقرب الى جوّ الآيات وإيحاءاتها التي تفيد الحديث عن عصر الرسول لا بعده ، حيث أنّ غزوة حنين كانت أعظم الغزوات بعد صلح الحديبية ثم فتح مكة.
ورغّبهم في قبول هذا الشرط بالترغيب في ثواب الله وعطائه ، وما يترتب على ذلك من قبول لتوبتهم ، ثم حذّرهم من عواقب الرفض لأمر الله الذي يستتبع العذاب والخسارة.
(فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ)
لمّا دعاكم الرسول الى المسير الى مكة قبل صلح الحديبية ، فجبنتم بسبب سوء الظن بالله ، وقدّمتم المعاذير الواهية.
(يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً)
[١٧] وبمناسبة الحديث عن الأعذار التي كان يسوقها المتخلّفون يبيّن السياق الأعذار المشروعة التي تسقط القتال عن المؤمن ، لكي تتوضّح ولا يتشبّث المتقاعسون بكلّ عذر تافه للتنصّل عن مسئولية القتال.