والتولّي هو الفرار من الزحف والجهاد في سبيل الله ، الأمر الذي يستوجب العذاب الأليم.
[١٨ ـ ١٩] (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)
أمّا هدف العهد مع الله فإنّه يستمطر رضاه وثوابه ، فقد وسعت مرضات الله المؤمنين حين بايعوا رسول الله على القتال حتى الموت بين يديه ، وذلك قبل أن يبرم الصلح ، فلمّا رأى المشركون عزم المؤمنين على الحرب والاستقامة قبلوا بالصلح.
إنّ الله سبحانه قد يقبل بيعة المؤمنين ، ويغفر ذنوبهم كلّها. أليست الحسنات يذهبن السيئات؟ بلى. إنّ الموقف البطولي يسوى عند الله الشيء الكثير ، ويرجح في ميزانه على كلّ عمل ، ولعلّه لذلك يغفر الله للشهيد كلّ ذنوبه.
ولقد كانت بيعة المؤمنين للرسول تحت الشجرة دليلا أكيدا على عمق إيمانهم بالرسالة ، ولو لم يكونوا مؤمنين بمعنى الكلمة لما بايعوا الرسول (ص) وهم يعلمون أنّ المواجهة بينهم وبين المشركين لو حصلت تعني حسب المقاييس الظاهرة إبادتهم من الوجود ، ومن هذا المنطلق كانت البيعة فارقا بين المنافقين وضعاف الايمان وبين المؤمنين الصادقين ، وهي كما كشفت فريق المخلّفين ميّزت المؤمنين وأفرزتهم ، وهكذا تنفع المواقف الحرجة الحركة الرسالية في الكشف عن هوية أفرادها ونقاط القوة والضعف فيهم.
(فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ)
من الثبات وصدق الايمان وعموم مؤهلات النصر الالهي.
(فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً* وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها