فتح مكة عسكريّا فهو كثير أيضا ، والذي من أعظمه وأبرزه القضاء على السلطة المنحرفة فيها ، ودخول الناس أفواجا في دين الله ، ممّا جاء تفصيله وبيانه في سورة النصر.
الثاني : دفع أذي المشركين والكفّار عن المؤمنين بصلح الحديبية ، إذ لو كانت المواجهة تحدث يوم ذاك بين المؤمنين بأعدادهم وعدّتهم القليلة من جهة ، والمشركين بأعدادهم وعددهم الكثيرة من جهة أخرى ، لكانوا يبادون وتنطفئ شعلة الإسلام.
(فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ)
على رضى الله عنهم ، ونصره لعباده الذين ينصرونه ويطيعون أولياءه ، فينبغي للمؤمنين أن يدرسوا هذه الآيات ، ويتدبّروا في هذه الحادثة التاريخية ، ليستفيدوا عبرة هامة وهي ضرورة الطاعة للقيادة في السلم وفي الحرب ، وعدم اتباع الآراء الشخصية والعواطف المثارة ، لأنّ الطاعة للقيادة الرسالية هي الطريق الى الهداية الحقيقة.
(وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً)
[٢١] قبل النصر تجتاح الأمة فتنة الشك في وعد الله ، أمّا بعده فإنّهم يتعرّضون للغرور والاعتقاد بأنّ قوتهم الذاتية كانت سبب الفتح ، مما يدفعهم للاستهانة بالقيم الحق التي هيّأت ظروف النصر عند التمسّك بها ، ولعلّه لذلك أكّد ربّنا هنا ـ وبعد بيان مكاسب صلح الحديبية ـ على المكاسب التي لم يقدر على تحقيقها المؤمنون إلّا بتوفيق ، ومن توفيقه الوحي الالهي والقيادة الربّانية ، وإذا اتبع المجاهدون السبل الأخرى الملتوية فسوف تؤكّد الهزيمة في واقعهم ، مهما كان ظاهر