(كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ)
فأصبحوا عبرة لغيرهم عبر الأجيال ، بينما ينبغي للإنسان أن يعتبر بغيره لا أن يكون نفسه عبرة للآخرين.
[٢٨ ـ ٢٩] ثم يقول ربّنا :
(كَذلِكَ)
أي أنّ هذه سنة تجري في الحياة على كلّ من يترك القيم ، ويرفض هدى الله ، وما هذه النهاية المريعة التي صار إليها فرعون وجنده وملؤه إلّا صورة لعاقبة كلّ أمة ترفض قيادة الحق ، وتسلم زمامها لقيادة الطغاة.
(وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ)
وهؤلاء بدورهم ممتحنون بهذه الأشياء فلا بد أن يتجاوزوا الفتنة بنجاح ، وإلّا فلن يكون مصيرهم أحسن من سابقيهم ، الذين دمّرهم الله. ولعل الآية تشير إلى وراثة بني إسرائيل لأرض مصر بعد هلاك آل فرعون ، وتدل على ذلك آيات أخرى.
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ)
قد يصل الأمر بالإنسان ـ وبالذات الحاكم ـ أن يعتقد بأنّ الحياة متوقفة عليه ، وأنّه مركز الكون ، ولكنّ الحقيقة ليست كذلك ، فهو لو تغيّر من موقعه أو انتهى أجله لا يطرأ أي تغيّر على الطبيعة سوى ذهابه ، الذي لا يغير شيئا من سننها أو واقعها.
إنّ الكثير من الناس يريدون الطبيعة بقوانينها وسننها تتبع أهواءهم ، وتتكيّف