ويرث مقامه بدرجة ما).
(وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ)
فهو إذا مبعوث من عند الله يحمل رسالة الحكمة والمعرفة والبصيرة ، وما دام كذلك فلا بد من الرجوع إليه عند الفتن والشبهات ، ولا يجوز الضغط عليه بقبول آراءكم وشهوات أنفسكم ، لأن ذلك ليس من مصلحتكم.
(لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ)
وكيف لا تصيبهم المشقة والعنت وقد خالفوا العلم الى الجهل ، والحكمة الى الجهالة.
جاء في الأثر : في سبب نزول الآية أو تأويلها على عهد الرسول ما يلي :
أولا : إن النبي صلّى الله عليه وآله بعث الوليد بن عقبة ليجمع الصدقات من بني المصطلق فلما أبصروه أقبلوا نحوه للترحاب به ، ولكن خشيهم وهابهم ويبدو أنه كان بينه وبينهم عداوة فخافهم على نفسه أن يقتلوه أو كانت في نفسه ضغينة تجاههم ، فأراد أن يمكر بهم (أو تظاهر بذلك) فرجع الى النبي صلّى الله عليه وآله فأخبره أنهم ارتدوا عن الإسلام.
فبعث نبي الله صلّى الله عليه وآله وسلم خالد بن الوليد وأمره أن يتثبت ولا يعجل ، فانطلق خالد حتى أتاهم ليلا ، فبعث عيونه فلما جاءوا أخبروا خالدا أنهم متمسكون بالإسلام ، وسمعوا أذانهم وصلاتهم ، فلما أصبحوا أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروا فعاد إلى نبي الله صلّى الله عليه وآله وسلم فأخبره فنزلت هذه الآية وكان يقول نبي الله : «التأني من الله والعجلة من الشيطان». (١)
__________________
(١) بتصرف عن القرطبي / ج ١٦ ـ ص ٣١١