ويبدو من بعض الأخبار ان طائفة من المسلمين كانوا يصرون على النبي بالخروج إليهم وقتالهم قبل التثبت من أمرهم ، ولعل مؤامرة حاكها الحزب الأموي والمنافقون المؤيديون لهم ضد المسلمين ، ومنها نفذ الوليد طرفا منها ، بينما أراد الآخرون تنفيذ سائر جوانبها.
ثانيا : جاء في الأثر ان الآية نزلت في قصة الافك على بعض الروايات. فقد ذكر علي بن إبراهيم في تفسيره انها نزلت في مارية القبطية أم إبراهيم (عليه السّلام) ، وكان سبب ذلك أن عائشة قالت لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إن إبراهيم ليس هو منك وإنما هو من جريح القبطي ، فانه يدخل إليها في كل يوم ، فغضب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقال لأمير المؤمنين (عليه السّلام) : خذ السيف وأتني برأس جريح ، فأخذ أمير المؤمنين (عليه السّلام) السيف ثم قال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله إنك إذا بعثتني في أمرك أكون فيه كالسفود (١) المحمي في الوبر فكيف تأمرني أثبت فيه أو أمضي على ذلك؟ فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : بل تثبت ، فجاء أمير المؤمنين الى مشربة أم إبراهيم فتسلق عليها فلما نظر اليه جريح هرب منه وصعد النخلة ، فدنا منه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال له : انزل فقال له يا علي اتق الله ما هاهنا أناس اني مجبوب (٢) ثم كشف عن عورته فاذا هو مجبوب ، فأتى به رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : ما شأنك يا جريح؟ فقال : يا رسول الله ان القبط يحبون حشمهم ومن يدخل الى أهليهم ، والقبطيون لا يأنسون إلا بالقبطيين ، فبعثني أبوها لأدخل إليها وأخدمها وأونسها ، فأنزل الله عزّ وجلّ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) الآية. (٣)
__________________
(١) السفود : حديدة يشوى عليها اللحم
(٢) المجبوب : الخصي
(٣) نور الثقلين / ج ٥ ـ ص ٨١