وهذه الآية ونصوص دينية أخرى تستهدف فصل الفسقة عن المجتمع الاسلامي نفسيا ، وتقليل دورهم في ادارة القضايا الاجتماعية ، فاذا امتنع المسلمون عن العمل باخبار الفاسقين ، فقد أبعدوهم عن القضاء والاعلام ، والشهادة في المحاكم وعن أعمال أخرى.
من هنا نجد المفسر المعروف القرطبي ينقل هنا نصا عن ابن العربي يحسن بنا الاستماع اليه يقول :
ومن العجب أن يجوز الشافعي ونظراؤه إمامة الفاسق ومن لا يؤتمن على حبه مال كيف يصبح أن يؤتمن على قنطار دين ، وهذا إنما كان أصله أنّ الولاة الذين كانوا يصلون بالناس لما فسدت أديانهم ولم يمكن ترك الصلاة وراءهم ، ولا استطيعت إزالتهم صلي معهم ووراءهم (وأضاف) ثم كان من الناس من إذا صلى معهم تقية أعادوا الصلاة لله ، ومنهم من كان يجعلها صلاته. وبوجوب الاعادة أقول فلا ينبغي لأحد أن يترك الصلاة مع من لا يرضى من الأئمة ولكن يعيد سرا في نفسه ولا يؤثر ذلك عند غيره. (١)
(وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ)
الرسالة نعمة وفضل ، ووعي هذه الحقيقة يجعلنا نستفيد منها بصورة أفضل ، أو ليس الذي يجهل أن له رصيدا كبيرا في البنك لا ينتفع به؟
والايمان بالرسالة هو الآخر توفيق من عند الله ونعمة وفضل ، صحيح ان العبد يخطو الى ربه الخطوة الأولى ، ويسلم للحق ، ولكن لو لا أن الله يجبب الايمان في
__________________
(١) القرطبي / ج ١٦ ـ ص ٢١٣