أما الشبهة الدينية فهي اننا لو شككنا في أمر الصحابة ضاعت علينا معالم ديننا ، أو ليسوا هم الوسيط بيننا وبين معرفة الدين؟ وأضافوا أن هناك أحاديث مأثورة عن الرسول باحترام الأصحاب وأنهم كالنجوم بأيهم اقتدينا اهتدينا .. ونقول : إن معالم الدين واضحة بالقرآن ، وعلينا أن نعرض عليه حتى أحاديث الرسول وأهل بيته فكيف بأفعال بشر مثلنا؟ ثم ان كل جيل يأخذ معالم دينه من الجيل السابق عليه فهل من المعقول إضفاء هالة العصمة على كل الأجيال؟ وما الفرق مثلا بين الصحابة وجيل التابعين في أن من لحقهما أخذ منهما معالم الدين؟ فكما ميز علماء المسلمين بين التابعين حسب قوانين علم الرجال ، فقالوا هذا ثقة أخذوا منه الدين وهذا وضاع وذاك ضعيف والثالث مجهول الحال فلم يأخذوا منه الحديث كذلك ينبغي أن نفعل بالجيل السابق لهم ، فنفرق مثلا بين أبي ذر الغفاري ، الذي ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق منه ، وبين سمرة بن جندب الذي كان يكاسر معاوية في ثمن الأحاديث الموضوعة.
وإذا جاءت روايات في فضل الأصحاب فيجب تقييدها بالصادقين منهم الذين لم يحدثوا بعد الرسول ، وذلك لسببين :
أولا : لمعارضتها مع روايات أخرى مأثورة عن النبي ، تؤكد ان بعض الصحابة يحدثون من بعده ، وإنهم يذادون يوم القيامة عن الحوض كما يذاد البعير ، وأنه ستكثر من بعده القالة فمن كذب عليه فليتبوّأ مقعده من النار.
ثانيا : لأننا يجب أن نجعل كتاب الله مقياسا لمعرفة حدود أحاديث الرسول ، والله سبحانه وتعالى يقول : «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ». (١)
__________________
(١) الزمر / ٩