من هنا لا يجوز أن ننسب العصمة الى أصحاب رسول الله جميعا ، بل لا بد أن نخضع تصرفاتهم لقيم الوحي ونأخذ بما ثبث عن طريقهم من أقوال رسول الله ولا يلزمنا اجتهادهم في الدين أو تفسيرهم للقرآن ، ولا سلوكهم خصوصا المخالف للنص.
ولا يجوز أن يوقعنا احترام الصحبة الى مخالفة نصوص الدين ، بخلاف ما قال المفسر المعروف القرطبي حيث ذكر انه : لا يجوز أن ينسب الى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به إذا كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأرادوا الله عز وجل وهم كلهم لنا أئمة. (١)
حقا ينبغي احترام الصحبة ، ولكن ليس الى درجة الوقوع في التناقض أو التبرير الذي لا يقبله العقل ، فلا ريب ان قتال الصحابة مع بعضهم كان خطأ فادحا ، لا بد أن ندينه وندين الباغي ، وكيف يجوز لنا أن نقيم حوادث اليوم حسب الدين؟ ولا يجوز أن نفعل مثل ذلك في الماضين ، أو لم يكونوا بشرا مثلنا ، أو لم تكن لهم شهوة السلطة والثروة .. دعنا نكون أكثر واقعية ، ونضع كل شيء في موضعه المناسب ولا نكون كالحسن البصري الذي سئل عن قتال الصحابة فقال : قتال شهده أصحاب محمد صلّى الله عليه وآله وغبنا ، وعلموا وجهلنا ، واجتمعوا فأتبعنا ، واختلفوا فوقفنا .. (٢)
فهل يجوز أن نطلق مثل هذا الكلام بالنسبة الى كل حادثة تاريخية؟! إذا نعطل العقل ، بل نعطل موازين الشريعة ، كلا .. لا بد أن ندرس التاريخ ونعتبر بما فيه ونميز الحق والباطل فنتبع الحق وندع الباطل والله المستعان على ذلك.
__________________
(١) القرطبي / ج ١٦ / ص ٣٢١
(٢) المصدر / ص ٣٢٢