وجاء عن الامام الصادق عليه السلام وهو يبيّن مدى عمق الصلة بين المؤمنين :
«إنما المؤمنون إخوة بنو أب وأم ، وإذا ضرب على رجل منهم عرق سهر له الآخرون». (١)
إنها علاقة روحية تتجاوز حدود المادة ، وتتصل بالغيب ، وجاء في حديث آخر عن الامام الباقر عليه السلام : سأله جابر الجعفي وقال : تقبضت بين يدي أبي جعفر فقلت جعلت فداك : ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي وصديقي فقال : نعم يا جابر إن الله عز وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم من ريح روحه فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه ، فاذا أصاب روح من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن حزنت هذه لأنها منه. (٢)
ويبقى سؤال : لما اختار الإسلام كلمة الاخوة لبيان مدى العلاقة بين ابنائه؟ ثم لماذا نسب هذه الحالة الى الايمان؟
أولا : حينما اختار المبدأ الغربي كلمة (المواطن) لبيان العلاقة بين أبنائه انطلق من فكرة تقديس الأرض وربط الناس بها وبالمصالح المشتركة التي تشد مجموعة من البشر ببعضهم ، وحينما انتخب المبدأ الشرقي كلمة (الرفيق) فقد اعتمد على دور المسيرة النضالية في علاقاته الاجتماعية. أما الإسلام فقد اجتبى لنا كلمة الأخ لنعلم ان صلتنا ببعضنا ليست مادية قائمة على أساس تقدير الأرض والمصالح ، كما أنها لا تخص حالة النضال ورفاقة المسيرة ، وإنما هي مبدئية ناشئة من صلة كل واحد منا بدينه ، حتى ليصبح الدين كالأب الذي هو أصل وجود
__________________
(١) المصدر / ص ٢٦٤
(٢) المصدر / ص ٢٦٦