لأن بعض الظن إثم (وهو الذي يحوله صاحبه الى موقف عملي) ، وينهانا عن التجسس (الذي هو التحقق من الظن السيء) ، وعن الغيبة التي يعتبرها كأكل لحم الأخ ميتا ، أو لسنا نكره ذلك ، ويأمرنا في الخاتمة بالتقوى (حتى لا تصبح الغيبة بتكرارها أمرا مألوفا وغير مستقبح) ويؤملنا رحمته وتوبته (حتى لا نيأس من تطهير أنفسنا ومجتمعنا من هذه الرذائل).
بينات من الآيات :
[١١] بداية فساد العلاقة بين الإنسان ونظيره تضاؤل قيمة الإنسان كإنسان في عينه ، وآنئذ لا يحترم الناس بعضهم ، ويبحث كل عن منقصة في صاحبه يسخره بها ، ويدعي لنفسه مكرمة يفتخر بها ، بينما لو أنصفنا أنفسنا لعرفنا ان سرّ احترامنا لأنفسنا هو اننا بشر نملك العقل والارادة ، ونتحسس بالألم واللذة ، ونتحلى بالحب والعواطف الخيرة ، أفلا توجد كل هذه في أبناء آدم جميعا ، فلما ذا أطالب باحترام الناس لي ، ولا أجد لا حد حرمة؟
تعالوا ننظر لحظة ببصائرنا ، حين أسخر من إنسان نظير لي في مجمل صفاته ، أفلا يعني ذلك أني أسخر من نفسي أيضا؟
بلى. الذين يكفرون بقيمة الارادة والعقل والحب والعواطف في أنفسهم هم الذين يكفرون بها في غيرهم ثم يسخرون منهم. إنهم ينسلخون من إنسانيتهم ثم يسمحون لأنفسهم بانتهاك حرمات غيرهم.
من هنا يشرع السياق في اجتثاث جذور الشقاق الاجتماعي بالنهي عن السخرية بالآخرين قائلا :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ)