ويخاطب المؤمنين لأن هذه الصفة لا تتناسب وإيمانهم بالله ، أو ليس الايمان بالله يعني حذف القيم الأرضية وتطهير النفس من احترام المال والبنين والشهرة والأرض و.. و.. مما يسبب عادة في التفاخر. وحين ينهى ربنا عن السخرية فلأنها الخطوة الأولى في طريق النهاية. كيف؟
إن من أعظم مفاخر البشر ومزاياه صفة الحياء ، حيث يتحسس الإنسان بفطرته النقية انّ للآخرين حرمة لا بد أن يؤديها إليهم ، ومن ملك الحياء لا يفكر في تجاوز الآخرين. فكيف يفكر في اغتصاب حقوقهم والاعتداء عليهم؟
وهكذا يسعى الشيطان لازالة صفة الحياء ، وحث الإنسان الى الاستهانة بالآخرين ، وتصغير قدرهم ، والتصوير بأنهم أقل منه فيحق له إذا تجاوز حقوقهم بل والاعتداء عليهم. وهنا يقف القرآن له بالمرصاد فيأمر بالتمسك بالحياء والإبقاء على صفة احترام الآخرين حتى يقضي على التفكير في الجريمة.
أرأيت كيف يسمح المستكبرون لأنفسهم بارتكاب المذابح الجماعية بحق المستضعفين ومنعهم من حقوقهم من أدنى درجات الحياة؟ هل فكرت يوما كيف انسلخ أولئك البشر عن إنسانيتهم واندفعوا في مثل هذه الجرائم؟ إنهم في البدء سخروا منهم وقالوا نحن أبناء الله ، نحن الشعب المختار ، نحن ذوي البشرة البيضاء اختارنا الله لحكم هؤلاء الذين لم يؤتوا من الذكاء والعقل نصيبا مذكورا. وهكذا كونت الثقافة العنصرية أرضية الجريمة بحق الشعوب.
ولعل التعبير القرآني هنا يعكس طبيعة الاستهزاء عند الرجال ، حيث انهم يفتخرون عادة بتجمعهم ويسخرون من سائر الناس ، فترى أهل هذا الحي يقولون من مثلنا؟ أو أهل هذا النادي أو ذلك الحزب أو هذا المصر أو ذلك الإقليم إنهم يفتخرون بما لديهم ويفرحون بما أوتوا من نصيب الدنيا فيسخرون ممن لا يملك ذلك