(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ)
اللمز هو العيب. وقال الطبري : «اللمز باليد واللسان والاشارة ، والهمز لا يكون إلا باللسان» (١).
وحين يعيب الواحد منّا أخاه ينشر النفس السلبي في المجتمع ، ويسقط حرمته ، مما يسبب في لمز نفسه أيضا ، ولعله لذلك قال ربنا هنا «أنفسكم» كما قال سبحانه : «وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» (٢) أي لا يقتل بعضكم بعضا أو قال «فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ» (٣) أي سلموا على بعضكم. إن الإخلال بالآداب الاجتماعية أسرع شيء تأثيرا على صاحبه ، لأن الحالة الاجتماعية ستعمه سريعا ، ثم ان الذي تلمزه لا يترك العيب عليك ، فتسقط هيبة الجميع ، ويرفع حجاب الحياء وتتسع الكلمات البذيئة وينتشر الجو السلبي. ثم ان اللمز ـ كما السخرية بالآخرين ـ خطوة في طريق إفساد العلاقات الاجتماعية ، وجرثومة الصراعات الخطيرة ، لا بد أن نقف دونها بحزم حتى لا تتطور.
(وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ)
أن يلقب بعضنا بعضا بالألقاب البغيضة. وفي الروايات : أنه يستحب أن ينادي الأخ أخاه بأحب الأسماء اليه.
وإننا قد نسيء الى إخوتنا من غير قصد كأن نلقبه باسم أمام الآخرين ، باسم لا يرضاه ، وقد نقوله له بحسن نيّه غير جدّ ، فيأخذه الآخرين مأخذ الجدّ ويعيروه به حتى ينطبع عليه ، ويسيء الى شخصه وشخصيته. وتختلف تلك الألقاب باختلاف
__________________
(١) القرطبي / ج ١٦ / ص ٣٢٧
(٢) النساء / ٢٩
(٣) النور / ٦١