وكما تحرم الآية التجسس الفردي تحرم تجسس الدولة على رعاياها ، إلا إذا اقتضت مصلحة الأمة ، فلا بد أن يخضع ذلك للقضاء القائم على أساس أحكام الشريعة.
وقد فهم المسلمون السابقون هذه الشمولية من الآية الكريمة حسب ما نجده في القصة التاريخية التي حدثت في عهد الخليفة الثاني الذي خرج وعبد الرحمن يعسان إذ تبينت لهما دار فاستأذنا ففتح الباب ، فاذا رجل وامرأة تغني وعلى يد الرجل قدح ، فقال عمر : وأنت بهذا يا فلان؟! فقال : وأنت بهذا يا أمير المؤمنين؟! فقال عمر : فمن هذه منك؟ قال : امرأتي ، قال : فما هذا القدح؟ قال : ماء زلال ، فقال للمرأة وما الذي تغنّين؟ فقالت :
تطاول هذا الليل واسود جانبه |
|
وأرّقني الا خليل ألاعبه |
فو الله لولا الله أني أراقبه |
|
لزعزع من هذا السرير جوانبه |
ولكن عقلي والحياء يكفني |
|
وأكرم بعلي أن تنال مراكبه |
ثم قال الرجل : ما بهذا أمرنا يا أمير المؤمنين!
قال الله تعالى : ولا تجسسوا ، قال صدقت. (١)
(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً)
الغيبة : ذكر معايب الناس عن ظهر الغيب. وقالوا تختلف الغيبة عن الافك والبهتان ، إن الافك أن تقول في الناس ما لا تعلم أنه فيهم ، بينما البهتان أن تقول فيهم ما تعلم أنهم براء منه. أما الغيبة فأن تقول فيهم ما يكرهون مما تعلم أنه
__________________
(١) القرطبي / ج ١٦ / ص ٣٣٤