كانت علاقته مع الناس العلوّ والاستكبار ، وكانت علاقته مع الطبيعة علاقة التبذير والإسراف.
وكلمة «عاليا» لا تدل هنا على العلو في الإسراف ، وإنّما العلو على الناس ، وربّنا عزّ وجلّ يبيّن ذلك في آية أخرى حين يقول : «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً» (١).
أي الذين لا تكون علاقتهم مع الآخرين الاستكبار والتعالي ، ولا مع الطبيعة الفساد ، وهكذا يفسّر القرآن بعضه بعضا.
[٣٢] أمّا النعم الالهية الأخرى على بني إسرائيل بعد النجاة من حكم الطاغوت ، فهي تفضيلهم على سائر الأمم ، واختيار الله لهم حملة لرسالته ، لا لشيء فيهم سوى أنّهم تجاوزوا الفتنة الكبرى في الحياة ، وأثبتوا جدارتهم ـ بالسعي ـ لهذه المنزلة.
(وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ)
بجدارتهم ، وتميّزهم بايمانهم وصالح أعمالهم.
(عَلَى الْعالَمِينَ)
إذن فعلينا وعلى الأمم التي تنشد التقدم أن لا تسعى للاستعلاء في الدنيا ، فلكي نحقّق هذه الغاية علينا أن نوفّر عوامل الحضارة في أنفسنا ، كالتزكية ، والتعاون ، والتعوّد على الخشونة ، والمثابرة في العمل ، والصبر ، والاستقامة على الحق ، وعندها سوف يوفّقنا الله ، ويفضّلنا على غيرنا ، وسنتقدم ، ومعنى العالمين
__________________
(١) القصص / ٨٣