أنّه سوف يجازي الأفراد في الآخرة الجزاء الأوفى.
ولكن لماذا لا يضرب لنا القرآن أمثالا من حياة الأفراد ، كفرعون الذي أغرق في النهر ، أو قارون الذي خسف به وبداره الأرض ، أو إذا تكلّم عنهم بمفردهم كان الحديث إشارة وحسب؟
والجواب : إنّ النظر إلى جزاء أمّة سيكون أجدى من النظر إلى جزاء فرد واحد ، لأن جزاء الأفراد قد يفسر بالصدفة ، ولكن جزاء الأمم وبتلك الصور المتميّزة دليل على حكمة الباري ، وأنّه المدبّر للخليقة.
بينات من الآيات :
[٣٠ ـ ٣١] بنو إسرائيل مثل حي لجزاء الأمم على أفعالهم خيرا أو شرا ، والقرآن ذكر هذا المثل لأنّ حياة بني إسرائيل تشبه إلى حد بعيد مسيرة الأمة الاسلامية من حيث أنّهم كانوا أمة مؤمنة بنو حضارة رسالية ثم انحرفوا كما هو حال المسلمين ، وإذا فضّلهم الله على علم على العالمين فانّ هذه النعمة ليست من قبيل الرزق الذي يهبه الله بلا سعي ، وإنّما هي من قبيل الكسب ، وبنو إسرائيل بلغوا هذه الدرجة السامية بعملهم لا بعنصرهم ، وهذا بدوره يؤكّد عقلانية العالم ، والحكمة الالهية التي يقوم عليها ، وبالتالي يؤكد وجود الجزاء في الآخرة.
(وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ* مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ)
وأي اهانة أعظم من أن يسلب الإنسان حريته ، ويصير عبدا للطغاة ، يسحقونه لتعلو مكانتهم ، ويسلبونه لكي يبذّروا ويسرفوا؟!
إنّ فرعون هو الآخر لقي جزاءه العادل في الدنيا لضلاله وانحرافه ، فهو من جهة