رحم الأم ، وهكذا تبدأ حياة كل شيء على وجه الأرض. فلتنظر إلى كل حبة تحسبها ميتة ، ولكن حين تدفنها في التراب تنشق عن زرع أو شجرة عظيمة. وإلى هذا التشابه تشير الآية الكريمة : «وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً» (١) ، ونحن مع ذلك نؤمن بقدرة الله على الخلق والبعث بعد الموت بطرق لا تحصى عددا.
وفي الخبر قال الصادق (ع): «إذا أراد الله عزّ وجلّ أن يبعث الخلق أمطر السماء أربعين صباحا ، فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم». (٢)
وقال عليه السلام لما سئل عن الميت يبلى جسده؟ : «نعم حتى لا يبقى لحم ولا عظم إلّا طينته التي خلق منها ، فانها لا تبلى ، تبقى في القبر مستديرة حتى يخلق منها كما خلق أول مرة» (٣).
[١٢ ـ ١٤] إن الآيات التي مضت كلها علاج لاستبعاد فكرة البعث من قبل الكفار ، حيث قالوا : «أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ» ، والآن يبين القرآن بأن هذا الضلال لم يكن جديدا في تاريخ البشرية ، لأن الماضي ينطوي على أمثال كثيرة من تكذيب الأقوام السالفة.
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِ)
وهم أصحاب البئر التي رسوا نبيهم فيها بعد أن قتلوه (عن عكرمة) ، وقيل الرس بئر قتل فيها صاحب ياسين (عن الضحاك) ، وقيل هم قوم كانوا باليمامة على آبار لهم (عن قتادة) ، وقيل هم أصحاب الأخدود ، وقيل كان سحق النساء في أصحاب الرس (عن أبي عبدالله (ع)) والذي يبدو لي انهم كانوا في اليمامة
__________________
(١) نوح / ١٧
(٢) بح / ج ٧ ـ ص ٣٣
(٣) المصدر / ص ٤٣