الحق) فيكون مصيره النار ، واما يختار التقوى (الأوبة إلى الله ، وحفظ حدوده وأحكامه ، وخشيته بالغيب ، وتصفية القلب من الأدران بالانابة والتوبة) فيكون مصيره الجنة.
(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ)
ونتساءل كيف تزلف الجنة للمتقين؟ والجواب إن لهذه الآية تفسيرين :
الأول : إن الجنّة بما فيها من نعيم ورضوان من الله منزلة رفيعة ، ومهما سعى الإنسان وبالغ في عمل الصالحات فانّه لا يرتقي إليها بعمله وحده ، وإنما يقرّ به منها أو يقر بها منه فضل الله ورحمته ، قال النبي (ص): «والذي نفسي بيده ما من الناس أحد يدخل الجنّة بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟! قال : ولا أنا إلّا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» (ووضع يده على فوق رأسه وطوّل بها صوته) (١).
وحين يدخل المؤمنون الجنّة تتبين لهم هذه الحقيقة كما أدركوها ببصيرة الوحي في الدنيا ، فهم يعتبرون نجاتهم من العذاب بفضل الله ومنّه لا بعملهم «قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ* فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ* إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ» (٢).
الثاني : إن الجنّة قمة سامقة لا يصلها الإنسان حتى يتصف بما يجعله لائقا لها ، فهي بعيدة كل البعد على الكافرين والعاصين ، ولكنها أقرب ما تكون إلى المؤمنين والمطيعين ، وأن الذي يقربها أو يبعدها إنما هو مقدار عمل الإنسان ومجمل صفاته
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار / ج ٧ ص ١١
(٢) الطور / ٢٦ ـ ٢٨