حيث حلّ ثقله ، وينزل حيث كان منزله» (١) فلا يضيع لديه حكم سنّه الله ، ولا حق لأحد ، فعهد الله له بالاستقامة على الحق محفوظ ، يصدق مع الناس ولا يغش ، ويرعى الامانة و..... «وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» (٢).
إن المتقين يعتبرون أنفسهم شهداء في تطبيق النظام الاسلامي ، وحدود الشريعة المقدسة. لذلك فهم لا يعطون لأنفسهم الحق في تغيير الحدود الدينية بتبرير أنهم ثوار ومجاهدون ، بل إنك تراهم يلتزمون قبل غيرهم بتفاصيل المناهج التي بيّنها لهم ربهم سبحانه ، ولذلك فان الله يعدهم برحمة منه واسعة ، ويبدو ان القرآن يشير إلى هذين الأساسين للتقوى بقوله سبحانه :
(هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ)
[٣٣] وتسأل متى يئوب الإنسان الى الله ويحفظ حدوده؟ والجواب حينما يخشاه بالحق ، وذلك ان الإنسان قد يظهر أمارات الخوف لأهداف ومصالح دنيوية يرومها ، إلّا أنها لا واقع لها ، والخائف الصادق من الله هو الذي يخشاه حينما يكون بعيدا عن الأنظار ، فاذا به وقد تهيأت له أسباب المعصية يقاوم شهوته ويتركها إيمانا منه برقابة الله التي هي في نظره أهم من أية رقابة أخرى.
(مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ)
والإسلام يسعى قبل كل شيء لزرع الوازع الديني ـ الخوف من الله ـ في نفوس أتباعه كضمانة للالتزام بأنظمته وأحكامه ، ذلك ان أثر هذا الدافع أبلغ من سائر الروادع.
__________________
(١) نهج / خ ٨٧ ص ١١٨
(٢) التوبة / ١١٢