ونستلهم من قوله سبحانه : «ثُمَّ يُصِرُّ» أنّ شدة وضوح آيات الله هي إلى درجة تكاد تكره الإنسان على الايمان ، ولكنّ المستكبر الذي عقد عزمات قلبه على الافك العقيدي والإثم العملي يستعمل شتى السبل ليستكبر على الحق ، وليقاوم آثار الهداية ، كالذي يحجب عن نفسه عبق الأزهار في فصل الربيع ، أو أشعّة الشمس في ظهيرة يوم قائض إنّه بحاجة الى مزيد من الجهد حتى يمكنه البقاء بعيدا عن تأثير أشعّة الهدى في قلبه.
(فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)
يتناسب والإصرار على الكفر واجتراح الإثم.
[٩] وبالرغم من أنّ الكافر يحجب نفسه عن آثار الهدى تدخل حريم قلبه ، الذي يغلفه بسور من استكباره وإفكه وإثمه ، فإنّ موجات من الهدى تخترق الحجب ، وتستقرّ في فؤاده ، ولكنّه سرعان ما يتخذ منها موقف الاستهزاء والسخرية النابعة من احتقار الحقّ وأهله .. هنالك تتمّ حجة الله عليه إذ أنّه استصغر الحق بعد علمه به.
(وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)
وهذا الجزاء ينسجم والاستكبار أو الاستهزاء.
[١٠] (مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ)
أي أنّ جهنّم تنتظرهم ، وإذا زعموا أنّ بمقدورهم النجاة من جهنّم بأموالهم أو أولادهم فقد زعموا باطلا.
(وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً)