عليه الآية الكريمة : «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً» (١).
[٢١] لان الدنيا دار ابتلاء فهي دار غرور يخيّل للإنسان ان المجرم والمحسن فيها سواء ، وما هي إلّا فتنة قصيرة الأمد ، وبعده يتميز المحسن بالثواب ، والمجرم بعقاب شديد.
ويوغل البعض في التمني والغرور حين يزعم أن الآخرة كما لبعض الحالات في الدنيا يتساوى بها المحسن والمسيء ، وهكذا تسوّل له نفسه الاسترسال في السيئات دون رادع ، كلا. إن ذلك حكم جائر بعيد عن سنن الله في الخليقة.
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ)
والاجتراح : الاكتساب ، ونستوحي من الاية ان اجتراحهم للسيئات هو الذي جعلهم يظنون هذا الظن السيء ، ذلك لأن الشيطان يزيّن للإنسان عمله.
(أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ)
كلا فحياة المؤمن زاخرة بالاطمئنان ، والفلاح ، والأمل ، بينما يجعل الله صدر الكافر حرجا ضيّقا ، ويمنع عنه الالتذاذ الكافي بنعيم الدنيا ، ويجعله يأكل كما تأكل الانعام ، ويجعله عرضة للعذاب.
أما بعد الموت فان الملائكة يستقبلون المؤمنين بالترحاب ، بينما يغلظون على المجرمين ، ثم يتميزون الى الأبد عن بعضهم ، فهؤلاء في الجنة منعمون ، وأولئك في العذاب الأليم.
__________________
(١) الأنعام / (١٢٩).