٢ ـ أنّ الشعر يعبّر في كثير من الأحيان عن المصالح والأهواء الشخصية ، بينما الرسالة كلّها قيم ، وربما تعارضت مع شهوات الإنسان.
٣ ـ إنّ الشعراء عندهم ثقافة ولكنّها لا تستمر مع الزمن وعبر الأجيال ، أمّا الرسول فخطه يبقى أبدا ، والمستقبل لرسالته التي لا تبلى ، ولا يتجاوزها تقدّم البشرية ، ولعلّ السبب في ذلك أنّ الشاعر ثقافته مربوطة به تموت عند موته أو بعده بقليل ، بينما الرسالة يرعاها الله ، وليست متصلة بشخص الرسول حتى تذهب بذهابه ، ولذلك أمر الله تعالى نبيّه (ص) بتحدّي الكفّار والمراهنة على أنّ المستقبل في صالحه ولرسالته.
(قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ)
والتربّص هو الانتظار ، ولكن مع توقّع شيء ما يحدث ، ومنه قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١)
والكفّار ينتظرون نهاية للرسالة بموت النبي (ص) في أيّ لحظة ، بينما يعلم النبي أنّ الرسالة تزداد على الزمن بهاء وإشراقا.
[٣٢] ثم يأتي القرآن على بيان المنطلقات الحقيقية للكفر بالرسالة مؤكّدا بأنّ التهم التي وجّهوها للرسالة لا أساس لها حتى عند أصحابها ، بل جاؤوا بها رغبة عن الحق ، وتهرّبا من المسؤولية.
(أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا)
والحلم هو الجانب العملي من العقل ، والحليم الذي يستخدم عقله في مواقفه
__________________
(١) البقرة / ٢٢٦