إنّ الذي ينبغي الطاعة له والتسليم لقيادة ليس الذي يملك ظاهرا من الثروة والسيطرة قدرا ضئيلا لا يقاس إلى ما عند الله ، وهم معترفون بأنّهم لا يملكون أداة لالتقاط الغيب ، فما ذا في أعماق الأرض وأغوار الفضاء ، وما الذي تخبّؤه الأقدار ، وماذا يحدث غدا ، وما هي الأرواح والملائكة والجن وعالمهم؟
وإنّما القيادة والفضل لمن يتصل بالله عبر الوحي وهو الرسول (ص) ، ولعلّ اختيار كلمة «فِيهِ» في الآية وتجنّب التعبير بكلمة «به» لأنّ الاستماع لا يكون بسبب السلّم بل في السلّم الذي يعرجون فيه.
وإذا كانوا يزعمون أنّهم مطّلعون على الغيب إذا دعهم يأتوا عليه بحجة داحضة.
(فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)
كالقرآن بشموليته ، وكماله ، وروعة أسلوبه ، وهيمنته على عقل الإنسان ونفسه ، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا.
[٣٩] وكيف يأتي هؤلاء ببرهان قاطع وهم لا يتبعون إلا الظن ، ولا يعتقدون إلّا بالباطل ، وإلّا فكيف قالوا بأنّ البنات لله ولهم البنون؟! ما هو دليلهم على ذلك؟
(أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ)
وفي سورة الزخرف نجد علاجا أشمل لهذه العقيدة المنحرفة لدى المشركين ، يقول تعالى : «أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ* وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ* وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ