سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ* وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ» (١)
وهنا يشير السياق مجرّد إشارة إلى سفاهة هذا القول ويسوقه مثلا لضلالاتهم الدالة على بعدهم عن الغيب.
[٤٠] والرسل لا يطالبون الناس بالأجر بإزاء تعبهم ونصبهم من أجلهم حتى يمكن الكفّار تفسير رفضهم الرسالة بأنّهم لا يقدرون على إعطاء الأجر.
(أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ)
إنّ الرسول لا يتطلّع إلى أهداف ماديّة مصلحيّة من وراء قيادته للناس. إنّه ليس كالذين يتسلّطون على المجتمع من أجل فرض الضرائب وامتصاص خيرات البلاد والعباد ، إنّما يريد أن يعطيهم شيئا هو الغنى بعد الفقر ، والأمن بعد الخوف ، والوحدة بعد الفرقة ، وبعبارة أخرى يريد أن يتقدّم بهم نحو الحضارة الربّانية التي فيها خيرهم ، وهذا ما تتميّز به رسالات الله عن الدعوات البشرية المادية حيث لا يجد فيها المجتمع إلّا الكلفة والغرم الثقيل.
[٤١ ـ ٤٢] ثم يشير القرآن إلى حاجة فطرية عند الإنسان تدعوه إلى معرفة الغيب والاتصال به ، وكلّ إنسان يخشى من الغيب ، ويعلم بأنه لا سبيل له اليه ، لأنّ الاختيار في هذا الأمر ليس مرتبطا به ، إنّما يختار الله من يشاء من عباده ، «وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ» (٢) والبعض يدّعي الاتصال بالغيب ولكن دون أن يدّعي أنّه قادر على معرفة أبعاد الغيب بحيث تمكّنه من كتابته بوضوح كما كتب الرسول أبعاد الوحي ، أي أنّهم
__________________
(١) الزخرف / ١٦ ـ ٢٠
(٢) آل عمران / ١٧٩.