ليست عندهم معرفة شاملة واعية بالغيب ، إنّما يتبعون الظنون وجانبا من أخبار الشياطين.
(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ)
بلى. إنّهم لا يعتمدون على الغيب ، إنّما يعتمدون على الكيد ، وكلمة «أم» التي تأتي في الآية للتأكيد لا الاحتمال والتردّد.
(أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً)
والكيد هو القوّة المخططة والمقنّنة كالاستراتيجيّة ، وإنّما نكّر الله الكيد ليجعله دالا على أنّه لا ينفع أيّ نوع أو أيّة درجة منه.
(فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ)
لأنّهم مهما بلغوا من المكر والحيلة فلن يستطيعوا الغلبة على الحق (سنن الله في الخلق ومشيئته القاهرة) ومنهجه المتكامل إذا اتبعه المؤمنون ، والتاريخ شاهد على هذه الحقيقة.
[٤٣] ويعود القرآن إلى بيان الانحرافات النفسية العميقة عند الإنسان فيقول :
(أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)
إنّ الله منزّه عن الشركاء ، والإنسان يشرك به غيره للتهرّب من المسؤولية ، وليس اعتمادا على عقيدة راسخة بيّنة ، إنّه إذا لم يدع شريكا مع الله فهو ملزم بالتسليم لرسالته عقلا وضميرا ، لذلك نجده يسعى لتخليص نفسه من هذا الالتزام بالشرك.