وغفلوا عنها في حياتهم فإنّهم يفاجأون بذلك.
[٤٦] وإذا كان مكرهم وكيدهم في الدنيا نفعهم بعض الشيء وخدم مصالحهم ، فربما انتصروا عسكريّا على المؤمنين ، أو ظهروا على البلاد وأضلّوا الناس عن الحق ، فإنّهم في الآخرة لا ينفعهم المكر شيئا ، ولا يدفع عنهم خطرا.
(يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً)
كما أنّ القوى الأخرى التي اعتمدوا عليها في كفرهم وكيدهم للحق والمؤمنين لا تعينهم ، وإن أعانتهم فهي لا تبلغ بهم سبيلا إلى الغلبة والنصر.
(وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)
[٤٧] ولكنّ دعوة الله لرسوله (وللمؤمنين من خلاله) إلى ترك الظلمة والكفّار يلاقون عذاب الآخرة لا يعني أنّ الدنيا لهم ، يلعبون فيها كيفما شاءت أهواؤهم ومصالحهم ، كلّا .. إنّما يلقون فيها نصيبا من العذاب متمثّلا في غضب الله المباشر أو على أيدي أوليائه ، ولكنّه مهما بلغ لا يكون كعذاب الآخرة.
(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ)
أي غيره ، وأقلّ منه ألما ، وهو دليل على عذاب الآخرة ، قال تعالى : (كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (١) وقال : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٢) ، ولكنّهم لا ينظرون إلى الآيات ببصيرة الايمان ومن ثمّ لا يصلون إلى الحق.
__________________
(١) القلم / ٣٣
(٢) السجدة / ٢١