غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (١).
ثمّ أنه كان ينقل ما ينزل عليه من الله بامانة تامّة إلى المجتمع لا يغيّر شيئا أبدا ، وحتى الآيات التي تشتمل على لومه كان يثبتها في الرسالة ، ويبلّغها للناس ، ولو كان يتبع أهواءه لكان يخفيها عليهم ، ومن هذه الآيات قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً* وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً* إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) (٢) وقوله : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) (٣) ، والآية الكريمة : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) (٤) وأشدّ من ذلك كلّه قوله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ* فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (٥).
وأخيرا : لم يكن النبي يبلّغ الرسالة للآخرين فقط ، بل كان هو يطبّقها أيضا ، وقبل غيره ، بما فيها من واجبات تقتضي أن يخالف الإنسان أقوى منعطفات الهوى ، فهو يتقدّم المؤمنين في أمر حاسم وخطير كالقتال. أترى لو كان يتبع أهواءه يصنع كلّ ذلك؟
[٥ ـ ٦] وكيف يتبع الرسول هواه ، فيخفي بعض الذي أنزل عليه ، أو يتقوّل على الله بدافع الشهوة والمصلحة ، وهو يعلم ما عنده من البطش والشدة؟
__________________
(١) النساء / ٨٢
(٢) الإسراء / ٧٣ ـ ٧٥
(٣) التوبة / ٤٣
(٤) آل عمران / ١٢٨
(٥) الحاقة / ٤٠ ـ ٤٧