لأبي بصير : «يا أبا محمّد ما جاءت ولاية علي من الأرض ، ولكن جاءت من السماء مشافهة» (١).
[١١ ـ ١٢] وإذا كان الرسول رأى نور ربّه بعينه لمّا دنى منه ، فإنّه رأى ربّه ببصيرة الإيمان في وحيه المنزل عليه ، ورؤية القلب أجلى وأصدق من رؤية البصر ، بل إنّ هذه الرؤية القلبية كانت تأكيدا وتصديقا لما رآه بعينه من النور.
ولا يمكن أن يرى الإنسان ربّه بعينه مشافهة ، ولا بعقله لأنّه هو الآخر نعمة محدودة من الله ، إنّما يرى ربّه بربّه من خلال تجلّيه في آيات الخلق والوحي ، وفي الدعاء نقرأ إشارة إلى هذه الحقيقة عند قول الإمام (ع) : «يا من دلّ على ذاته بذاته ، وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته ، وجلّ عن ملاءمة كيفيّاته ، يا من قرب من خطرات الظنون ، وبعد عن لحظات العيون» (٢).
وقلب الإنسان حينما يرى شيئا فإنّه لا يخطئ في رؤيته ، ذلك أنّ وجدان الإنسان يصدّق الحق.
(ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى)
من الحق النازل عليه من عند الله ، بل هو على يقين وقناعة راسخة ، لا يمكن أن تزلزله الشبهات وجدليّات الجاهلين ، وأقوال الرسول (ص) وسلوكيّاته الشخصية والاجتماعية كلّها تدلّ على أنّه لم يكن يتكلّف في إيمانه ، وإنّما كان ينطلق من قناعة صادقة.
(أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى)
__________________
(١) المصدر / ص ١٥٠.
(٢) مفاتيح الجنان / دعاء الصباح