إنّكم لا يمكن أن تحرّفوا مسيرته ، أو تدخلوا إلى نفسه الشك في رسالته ، لأنّه على اليقين.
قال محمّد بن الفضيل سألت أبا الحسن (ع) هل رأى رسول الله (ص) ربّه عزّ وجلّ؟ فقال : نعم ، رآه بقلبه. أمّا سمعت الله عز وجل يقول : «ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى» لم يره بالبصر ، ولكن رآه بالفؤاد (١) ، وسئل الرسول (ص) عن الآية نفسها فقال : «قد رأيت نورا» (٢).
[١٣ ـ ١٥] (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى)
وذلك يحتمل معاني ، منها : أنّ الرسول كان يرى الله متجلّيا في كتابه (الوحي) ، ثم رأى تجلّيا آخر لربّه عند ما عرج به جبرئيل (ع) إلى الأفق الأعلى ، ودنى من ربّه فخاطبه مشافهة ، وقد يكون المعنى : أن جبرئيل عرج بالنبي إلى حيث أوحى له الله ما أوحى ، وهناك رأى ببصره نور الله ، وبقلبه رأى ربّه ، ثم عرج به إلى مقام آخر رأى فيه تجلّ ثان لله عزّ وجل ، وهو قوله تعالى :
(عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى)
وهي شجرة في السماء السابعة (عن علي بن إبراهيم) (٣) «وإنّ غلظ السدرة لمسيرة مائة عام من أيّام الدنيا» (٤) عن الباقر (ع) ، وربما سمّيت بهذا الاسم لأنّها الموضع الذي ينتهي الملائكة إليه بأعمال العباد (٥) ، ولأنّها منتهى ما يمكن أن يبلغ
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ـ ص ١٥٣
(٢) المصدر
(٣) المصدر / ص ١٥٥
(٤) المصدر / ص ١٥٤
(٥) المصدر