الضعيف ، وبحنينه الدائم نحو التراب. ويبرر ذلك بأنه ينتمي الى أنبياء الله ، كما زعم اليهود بان انتماءهم الى موسى (ع) يرفع عنهم المسؤولية. فقالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (١).
وكما زعمت قريش بان انحدارها من صلب إبراهيم يعطيها الشرف ويمنع عنها العذاب الالهي .. كلا «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا» (٢) ، ان إبراهيم كان وفيا لله ، ضحى بماله ونفسه وقدم ابنه لله قربانا ، وأودع زوجته هاجر وابنه الرضيع إسماعيل في الصحراء. والذي يريد ان يكون في شيعته لا بد ان يتحمل من المسؤولية كما تحمل عليه السلام ، ولم يكن في صحف موسى وإبراهيم التي أنزلت عليهما من عند الله اي كلمة تسمح للإنسان بالتحلل من مسئولياته بتبرير الانتماء إليها ، وقد قرءوا تلك الصحف وعرفوا ما فيها.
ان ابرز ما جاءت به صحف موسى وإبراهيم هو المسؤولية ، فكل إنسان مسئول عن نفسه ، ولا يمكنه بحال من الأحوال ان يلقي بتبعة اعماله على الآخرين.
(أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)
والوزر هو الحمل الثقيل. والوازرة هي النفس التي تحمله. ولا تزر اي لا تحمل فكل نفس مثقلة بحملها ولا تحمل حمل غيرها أبدا ، ولو عرف الإنسان ماذا تعني المسؤولية وكيف تقف كل نفس امام ربها في يوم القيامة ضعيفة متهاوية القوى لا تملك عذرا ولا قوة ، لعرف مدى بطلان فكرة إلقاء المسؤولية على الآخرين بزعم انهم يتحملونها عنه. كلا انه موقف رهيب ترى فيه كل نفس تجادل عن نفسها ، ولها من شأنها ما يغنيها عن الاهتمام بغيرها.
__________________
(١) المائدة / ١٨
(٢) آل عمران / ٦٨