[٤٦] ومع ذلك فإنّ الأدهى من هزيمتهم وعذابهم في الدنيا ما ينالهم من العذاب في الآخرة.
(بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ)
إنّها أكثر رعبا في مظهر عذابها وأساليبه ، وأعمق ألما ومرارة على أبدانهم ونفوسهم.
ونستلهم من هذه الآية أنّه حتى إذا كان عذاب الاستئصال مرفوعا عن أمّة محمّد (ص) ببركته ودعائه ، فإنّه لا ينبغي أن نجعل هذه الفكرة مبرّرا لنا لاقتحام الذنوب ، فإنّ من ورائنا الساعة في الآخرة ، وتهدّدنا في الدنيا ألوان من العذاب التي لا تقل ألما عن الاستئصال ، كالتخلّف ، والتفرقة ، وتسلّط الظلمة ، والصراعات الداخلية ، و.. و.. أترى هزيمة الأمّة أمام أعدائها في الدنيا أمرا هيّنا؟! كلّا .. لأنّها تفقد بذلك الكثير الكثير.
[٤٧ ـ ٤٨] ويعود القرآن مؤكّدا بأنّ تلك المزاعم : الأفضليّة على الآخرين ، والبراءة من العذاب ، والاغترار بالنفس ، باطل ، وإنّما تدلّ على مدى ضلال أصحابها وعذابهم.
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ)
وقد سمّاهم الله بالمجرمين لأنّ تلك المزاعم لا شك سوف تقودهم إلى التوغّل في الجريمة ، والسعر قد يكون الجنون أو النار ، وهما من ألوان العذاب التي يؤدي إليها الضلال في الدنيا والآخرة.
(يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ)