بالنجاة. أترى لو ذهب شخص إلى الطبيب ، وشخّص فيه مرضا مات به آخرون قبله ، أيمنّ نفسه بالحياة؟!
[٥٢ ـ ٥٣] وحينما أهلك أولئك لم ينته حسابهم وجزاؤهم ، بل سجّلت أعمالهم ليلاقوا جزاءهم الأوفى في الآخرة.
(وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ)
أي الكتب (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً* اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (١).
وقد فسّر البعض هذه الآية بما يخدم مذهبه الجبري زاعما أنّ كلّ أفعال الإنسان مكتوبة سلفا عليه في الزبر ، وهذا التفسير لا يتناسب والسياق ، كما لا يتناسب وما نعرفه من حرية الإنسان في حدود قدر الله وقضائه.
ويؤكّد القرآن أنّه (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها).
(وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ)
يجدونه في سطور ذلك الكتاب.
وهاتان الآيتان تهديانا إلى فكرة المسؤولية ، وأن الإنسان هو الذي يرسم مستقبله بنفسه من خلال أفعاله صغيرها وكبيرها ، وما دامت الأعمال لا تذهب إلى الفراغ ، بل تكتب له أو عليه عند الله ، وما دام مستقبله الأخروي الأبدي مرتكز على حياته هنا ، فحري به إذن أن يتحمّل الأمانة بصدق وقوة.
__________________
(١) الإسراء / (١٣ ـ ١٤).