وكلّ واحد منّا بحاجة إلى الاستغفار لكي لا تتراكم فوق قلبه أدران الخطايا والغفلة فيقسو وينغلق ويصبح غلفا لا يرجى له علاج .. ولكي لا يفاجئه الأجل فتضيع عنه فرصة التوبة إلى الأبد.
ولا بد أن نسعى لفرز العمل الصالح عن السيئات بالاستغفار حتى لا يختلط علينا الحقّ والباطل ، وذلك بأن نحدّد بالضبط طبيعة العمل الذي قمنا به ، ولا نخضع لتزيين الشيطان أو تسويل النفس الأمّارة بالسوء ، فنبرّر كلّ ما قمنا به ، ونلبسه ثوب الشرعية بتحريف نصوص الدين حسب أهوائنا ، فنكون ـ لا سمح الله ـ ممّن اتخذ إلهه هواه.
إنّ المؤمن يتهم نفسه أبدا ، ويستجلي قيم الحق وموازين الشرع حتى يقيس بها أعماله ، فإذا اشتبهت عليه قضية سعى إلى معرفة الحق بمراجعة الفقه والسؤال من أهل الذكر.
أمّا الذين يستغفرون لذنوب مجهولة ، بينما يبرّرون ذنوبهم التي يمارسونها يوميّا ، فإنّهم لا يتطهرون بالتوبة بل يزيدهم الإصرار على تلك الذنوب قسوة في القلب وضلالة في الفكر.
إذا اغتابوا مسلما كفّروه ليبرّروا ذنبهم ، فهل ينفع مثل هؤلاء الاستغفار؟
وإذا أكلوا أموال الناس بالباطل زعموا أنّهم مضطرون إلى ذلك ، ولا اضطرار عندهم غير حبّ الراحة ، فهل تنفعهم التوبة شيئا؟
وإذا خضعوا للسلاطين تشبّثوا ببعض النصوص المتشابهة ، وتركوا المحكم من آيات الجهاد في سبيل الله والكفر بالطاغوت.